صدق أو لا تصدق: براءة جميع المتهمين في حادث غرق العبارة السلام 98

فيما تعلقت أنظار وآمال وقلوب الآلاف من أسر وأهالي ضحايا عبارة «السلام 98» البالغ عددهم 1034 قتيلاً و377 مصابًا، بقرار محكمة جنح سفاجا بالقصاص من المتهمين، وإنهاء ما لا يقل عن عامين من المعاناة والحسرة.
أسدلت هيئة المحكمة برئاسة المستشار أحمد رفعت النجار الستار علي القضية ببراءة جميع المتهمين، علي رأسهم ممدوح إسماعيل - مالك العبارة - ونجله عمرو الهاربان بلندن وثلاثة آخرون هم: ممدوح عبدالقادر عرابي ونبيل السيد شلبي ومحمد عماد الدين، بالإضافة لأربعة آخرين انقضت الدعوي ضدهم لوفاتهم، فيما عاقبت المحكمة القبطان صلاح جمعة - ربان العبارة سانت كاترين - بالحبس لمدة 6 أشهر وكفالة 10 آلاف جنيه لوقف تنفيذ الحكم.
لم تستغرق الجلسة أمس التي حملت رقم 22 وهو عدد جلسات المحاكمة التي استمرت لما يقرب من عامين 15 دقيقة أعلنت خلالها هيئة المحكمة حكمها في القضية التي حملت رقم 1525 لسنة 2006 براءة المتهمين من جميع الاتهامات التي نسبت إليهم عدا المتهم صلاح جمعة الذي وصفته المحكمة بأن الرحمة قد انتزعت من قلبه وكان تصرفه أقرب إلي تصرفات الشياطين عندما تلقي اتصالاً بغرق العبارة من ضابط ثان «السلام 98» ولم يتحرك لإنقاذهم وتركهم لتبتلعهم مياه البحر.
أما حكم البراءة الذي حصل عليه باقي المتهمين، فقد استندت فيه المحكمة إلي عدم ثبوت سلطة ممدوح إسماعيل علي العبارتين «الليانورا وفارس السلام» والتي تحملان أعلامًا أجنبية للمشاركة في الإنقاذ.
وقالت المحكمة إنها اطمأنت إلي أن عمرو ممدوح إسماعيل قد أبلغ مدير هيئة الموانئ في صباح يوم الحادث بالغرق، وقام الأخير بالاتصال بمركز البحث والإنقاذ.
كما أكدت المحكمة أن سبب وفاة المجني عليهم غير ناتجة عن غرق السفينة لأن التقارير الطبية الخاصة بالتأمين لم تقطع بأن إصابتهم ترجع إلي التأخير في إنقاذهم، فضلاً عن أن هذه الإصابات لم تخرج عن كونها إجهادًا عامًا وكدمات متفرقة والتهابًا بالحلق، كما جاءت بعض التقارير خالية من أي إصابات وأنها لم تجزم بأسباب حدوث الوفاة في الفترة ما بين غرق السفينة وانتشال تلك الجثث.
وقالت المحكمة إنه نسبت لها من تقرير لجنة تقصي الحقائق المشكلة بقرار مجلس الشعب إن أجهزة الشركة الوطنية للملاحة استقبلت يوم 3 فبراير عام 2006 خمس إشارات استغاثة تفيد بغرق السفينة وأن جهاز «الإنرم» المتواجد علي السفينة يعتبر وسيلة دولية معتمدة للإبلاغ عن غرق السفن، علاوة علي أن مركز البحث والإنقاذ علم بغرق السفينة بوقت سابق علي علم المتهمين، الأمر الذي تكون معه الغاية التكليفية للمتهمين قد تحققت بالإخطار عن طريق الجهاز.
وأشارت المحكمة إلي أنه لم يثبت لها ملكية المتهمين الأول والثاني للسفينة «الليانورا وفارس السلام» اللتين يحملان علم السعودية وأن شركة السلام لا تملك إصدار أوامر لشركة أجنبية في عمليات الإنقاذ، كذلك لم يثبت من أقوال الناجين والمصابين أن الحادث وقع خلال الفترة التي أسند فيها للمتهمين تهمة التراخي وهي من الساعة الواحدة والنصف صباحًا وحتي السابعة صباحًا.
وفور النطق بالحكم أصيب أهالي الضحايا الذين اكتظت بهم قاعة المحكمة بحالة ذهول وراحوا يرددون الهتافات المنددة بالقرار والعديد من الاتهامات للقاضي والحكومة.
ومن جانبها، تدخلت قوات الأمن التي تواجدت هناك منذ فجر أمس لإخلاء القاعة وإجبار أهالي الضحايا علي مغادرة القاعة وأبعدتهم عن مقر المحكمة.
«الدستور» التقت عددًا من أهالي الضحايا، ويقول أحمد محمد خضراوي - شقيق أحد المتوفين - ويدعي «علي» والذي كان يعمل ضمن طاقم العبارة الغارقة: هذا الحكم فاسد وأنا حتي الآن لا أصدقه ويعتبر «مهزلة»، وأشار إلي أنه وغيره من أهالي الضحايا سوف يقومون باعتصام مفتوح أمام هيئة المحكمة لإيجاد حل لهذه المهزلة.
وتقول أم محمد مجدي: إن ابنها كان ضابطًا بالعبارة، وهو كان حيًا وقد شاهدته علي قناة «الجزيرة» فور علمها بالواقعة وعندما سمعت الحكم بالبراءة فقدت وعيها من الصدمة وكثرة البكاء والصراخ.
وأكد طارق شرف الدين الذي فقد زوجته وأولاده الثلاثة في الحادث أن أجهزة الأمن تواجدت بكثافة علي غير العادة مما يدل علي علمهم بالحكم قبل النطق به ولذلك قاموا بعمل الاحتياطات اللازمة لإجهاض أي تحركات غاضبة من جانب الأهالي.
وقال: إن ما يؤكد ذلك هو عدم حضور أي محام من دفاع ممدوح إسماعيل أو باقي المتهمين في هذه الجلسة.
وتعود الواقعة لشهر فبراير من عام 2006 من غرق العبارة السلام 98 في مياه البحر الأحمر وعلي متنها 1401 راكب غالبيتهم العظمي من المصريين خاصة من محافظات الإسكندرية والبحيرة وقنا والفيوم أثناء إبحار السفينة من ميناء «ضبا» السعودي في طريقها لميناء سفاجا مما تسبب في غرق 1034 شخصًا وإصابة 377 آخرين.
وقد وجهت النيابة العامة اتهاماتها لعشرة من المسئولين منهم مالكها ممدوح إسماعيل ونجله عمرو وكان علي رأس هذه الاتهامات القتل الخطأ والإهمال وعدم مراعاة القوانين والأنظمة الملاحية.
وقد تم تداول القضية علي مدي 21 جلسة طوال عامين استمعت خلالها هيئة المحكمة لمسئولين هندسيين وبرلمانيين وقيادات في هيئة موانئ البحر الأحمر وهيئة النقل البحري.
وكان ممدوح إسماعيل ونجله عمرو قد لاذا بالفرار إلي «لندن» عقب إحالتهما للمحاكمة خاصة بعد رفع الحصانة عن ممدوح الذي كان عضوًا معينًا بمجلس الشوري.