كانت صدمتي فادحة يوم الأحد الماضي عند سماعي الحكم ببراءة المتهمين في قضية غرق العبارة ا

فقد ذهبت لأشارك في البرنامج وقت مباراة كرة القدم بين الأهلي والزمالك، فلم يكن هناك مجال للترفيه بمشاهدة تلك المباراة المهمة حتي لو كنت مهتما بأحوال نادي الزمالك، فالمصاب جلل، تجددت معه آلام الضحايا في قبورهم وأماكن احتجاز بعضهم وأيضا آلام ذويهم وأسرهم الذين التاعوا بهدر دماء الغرقي، وأدارت السيدة مني الشاذلي الحوار علي النحو الذي جرت وقائعه مع زميلي عن هيئة الدفاع عن المتهمين بسؤال واثنين وثالث ورابع لذاك الزميل اعتقادا مني أن الإدارة عادلة وتوجيه الأسئلة يخضع لظروف فنية منهجية، غير أني فوجئت بالسيدة التي تدير الحوار في الفاصل تفهمنا أننا بصدد تسع دقائق باقية!! سوف نقتسمها!!
واستطردت أنها سوف تستكمل الموضوع غدا وتأكد هذا أثناء الفقرة الأخيرة علي الهواء مباشرة، فارتأيت أن أدخر ما لديّ لليوم التالي، حتي فوجئت باتصال من أحد معدي البرنامج يبلغني فيه أن هناك تغيراً في الضيوف وان الحلقة ستضم ضيوفا جددا ليس من بينهم ضيوف حلقة الأمس!!
فأفهمت صديقي المعد أنني لم أتحدث بالحلقة الماضية وادخرت دفاعاتي للحلقة الموسعة عكس زميلي الآخر من دفاع المتهمين!! فقبل صديقي المعد موقفي ووعد بمداخلة تليفونية مناسبة أسرد خلالها دفاعاتي ، غير أنني فوجئت عند بث الحلقة المنوه عنها بوجود زميلي من دفاع المتهمين في الأستوديو مما أصابني بذهول كبير وتساؤل أكبر لم تفعل دريم ما تفعل!! ولصالح من؟
اتصلت بصديقي المعد الذي أفادني بعدم وجوده في الأستوديو وأنه مستغرب مما يجري ومندهش مما يحدث!! غير أنه عتب عليّ صمتي بالحلقة السابقة ولفت إلي ضرورة انتزاع حقي ومقاطعة زميلي ، والحقيقة أني لم أعتد هذا الأسلوب أبدا وها أنتم أعزائي القراء والمشاهدين اعتدتم علي رؤيتي فلم أقاطع أحداً أبدا من قبل حتي أقاطع زميلاً يؤدي واجبه حتي لو اختلفنا في المنطلقات ، لكن الذي اعتدناه هو الحيدة في إدارة الحوار فالذي يمسك بأطراف الحديث هو المحاور وليس غيره!!
المهم أنني اكتشفت شيئا غريبا إذ اتصل بي صديقي العزيز ذلك المجاهد المقاتل الصبور الدكتور محمد عبد الحليم الذي فقد أسرته بأكملها في الحادث الأليم وكان اتصاله من داخل الأستوديو وابلغني همسا.. فيه حاجة غريبة بتحصل يبدو إنهم لن يمكنوك حتي من المداخلة الهاتفية!!
اتصلت بالأخ أسامة عز الدين رئيس مجلس إدارة قناة دريم وأبلغته بما جري ويجري ووعدني بالتحقيق فيما حدث وأنه سوف يبلغني في اليوم التالي نتيجة التحقيق وحتي ساعة كتابة هذا المقال لم يعاود الاتصال بي. وأترك للرأي العام الحكم علي موقف مني الشاذلي وقناة دريم وبرنامج العاشرة مساء، واضعا في الاعتبار كل مداخلاتي حول نفس الموضوع في البرامج والقنوات المختلفة فور الحكم والأيام التي تلته وحسبي الله ونعم الوكيل.
حسبي الله ونعم الوكيل قلتها أيضا لصديقي المناضل النائب حمدي الطحان بعد مشاركته في الحلقة المنوه عنها من برنامج العاشرة مساء عندما تحامل علي نقابة المحامين وتساءل عن دورها، واستغربت أن يصدر مثل هذا الكلام من برلماني عجوز اعتاد المشاركة في لجان تقصي الحقائق ونزاهته هي عنوان جهده وعرقه رغم انتمائه للحزب الوطني في شامة علي جبين ذلك الحزب، فهل يلقي اللوم علي نقابة المحامين أو المحامين المدافعين عن حقوق الضحايا وأسرهم لمجرد أن حكماً صدر بالمخالفة للقانون!!
لا.. يا سادة لقد بذل المحامون عن المجني عليهم كل الجهد الممكن قانونا واجتماعيا وإنسانيا في مساندة أهالي الضحايا، واستقبلتهم نقابة المحامين في دارها وقدم مجلسها العون اللازم لهيئة الدفاع عن الضحايا بل ولأسر الضحايا، لم تكن هيئة الدفاع هي كاتب هذه السطور، لقد كنا مدارس شتي ومن مشارب مختلفة نهدف لتحقيق مصلحة واحدة، ربما اختلف وجهات النظر حول بعض المسائل لكن ذلك لم يمنع كل مدرسة منا أن تقدم ما لديها في علوم القانون وفنونه من حضور دائم علي مدي عامين وفي مناقشة الشهود وتقديم شهود الخبرة والاتصال بهم ومعاونتهم ثم في المرافعات الشفوية والمذكرات الكتابية ، لم يقصر منا أحد علي الإطلاق، حتي الإشارة التي ألقاها البعض حول انسحاب أحد الزملاء، فذلك لا ينبغي أن ينسحب علي هيئة الدفاع أو نقابة المحامين.
في فمي ماء كثير ، خاصة أن البعض حاول أن يصورنا في حالة اعتراضية علي القضاء المصري وعلي الحكم بعد صدوره لأنه لم يصدر لصالحنا، وهذا لا يطابق الحقيقة، ولكنني للتاريخ أثبت أنني شخصيا قمت بإثبات طلب رد القاضي لعدم حيدته وأسديت النصح لأهالي الضحايا باتخاذ إجراءات طلب الرد ضد القاضي غير أن زملائي في هيئة الدفاع عن الضحايا رأوا بعد المشاورة الاستمرار في نظر الدعوي والتنازل عن طلب الرد.
وختاما فإنني أتوجه إلي مصور التلفزيون الذي استمع إلي مكالمة هاتفية فور صدور الحكم جرت أمامه بطريق الخطأ أن يعلن للرأي العام أطراف هذه المكالمة وسوف يعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
رئيس لجنة الحريات بنقابة المحامين المصرية
عن صحيفة الراية القطرية2/8/2008